الإنترنت توثق احتجاجات الجزائر
في الوقت الذي كان الشباب الغاضب في حي باب الواد بالعاصمة الجزائرية ينتفض ضد غلاء المعيشة وارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية الضرورية، كان زملاء لهم يوثقون تلك المواجهات بأجهزتهم النقالة عبر الفيديو والصور الثابتة.
ولم تلبث الظاهرة أن انتشرت بين المحتجين في مختلف ولايات الجزائر، وبمجرد أن يبحث الشخص بحثا بسيطا على الإنترنت في مواقع الفيديو كيوتيوب وديلي موشن وشبكات التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر يمكنه الاطلاع على الأحداث التي شهدتها بعض المدن الجزائرية مؤخرا بما فيها صور الصدامات بين المحتجين وقوات الأمن.
وفي باب الواد –وهو حي شعبي- تجاوز عدد مشاهدي صور الفيديو الخاصة بتلك الأحداث على موقع يوتيوب 200 ألف، وهو عدد كبير نسبة إلى مستخدمي الشبكة العنكبوتية بالجزائر وإلى حجم تدفق الإنترنت الضعيف مقارنة بدول أخرى.
وأظهرت صور الفيديو شبابا في أعمار لا تتجاوز الـ24 عاما، بعضهم ملثم يقذف عناصر الأمن بالحجارة في وقت ردت فيه الشرطة بقذائف المدمعة، في حين عمد آخرون إلى تركيب صور للأحداث أخذت من مواقع مختلفة وأُدرجت معها موسيقى وشعارات مثل "رغم ما فعلوا بك أحبك يا بلدي".
فيسبوك عرف انتشار مجموعات خاصة خلال احتجاجات الجزائر
ثورة الإنترنت
وكشفت تقارير أن عدد مستخدمي الإنترنت بالجزائر لا يتعدى 1.5 مليون مستخدم إلى مليونين في أحسن التقديرات، وهم ليسوا مشتركين بصورة نظامية، في وقت يستعين أغلب المشتركين الأفراد بحجم تدفق بين 512 كيلوبايت في الثانية و1 ميغابايت في الثانية، إلا أن سرعة التحميل قد لا تتعدى الـ30 كيلوبايت في الثانية.
وخلال الأحداث التي عاشتها الجزائر، عرف موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك انتشار مجموعات خاصة عمد المشرفون عليها إلى الاستعانة بأدوات مثل الرسائل الخاصة أو خاصية الدردشة الآنية لبث أفكارهم أو طرح قضايا للنقاش.
وانتشرت مجموعات مثل "لا لسرقة مستقبل الأجيال" التي حجبتها جهات مجهولة، ومجموعة "شغب بالجزائر" التي تحولت إلى ما يشبه صحيفة حيث يمكن قراءة أخبار الاحتجاجات وآخر تطورات الأحداث لكن دون إمكانية التثبت من مصداقيتها.
وعرفت التعليقات الكثيرة تنوعا في طرح الأفكار وتحليلها بين مؤيد للاحتجاجات ورافض لها، ودعا البعض إلى "الثورة على النظام الفاسد"، في حين استنكر آخرون انتشار عمليات السطو والنهب التي شملت مؤسسات عمومية وخاصة، واستعان هؤلاء بصور بثها التلفزيون الرسمي
=========================================================
بعد تونس والجزائر.. آلاف الأردنيين يتظاهرون ضد البطالة
تظاهر آلاف الأردنيين في العاصمة عمان ومدن أخرى احتجاجا على البطالة وغلاء الأسعار مطالبين ب"إسقاط الحكومة"، وذلك على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الأخيرة لخفض الأسعار وإحداث وظائف
ورغم إعلان حكومة رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي حزمة إجراءات بنحو 120 مليون دينار (169 مليون دولار) بهدف خفض أسعار السلع الأساسية والمشتقات النفطية، تظاهر نحو ثمانية آلاف أردني سلميا بعد ظهر الجمعة في عدة مدن أردنية مطالبين بإسقاط الحكومة.
وبدأت التجمعات بعد صلاة الجمعة خصوصا بأعضاء النقابات والأحزاب اليسارية وسط انتشار أمني كثيف، ورفع المتظاهرون وسط عمان أعلام الأردن ولافتات كتب عليها "لتسقط حكومة الرفاعي" و"حذاري من جوعي وغضبي" و"الخبز خط أحمر"
وقد أعلنت أحزاب معارضة أردنية أبرزها جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن، والنقابات المهنية الأردنية في بيان اليوم الجمعة أنها ستنفذ الأحد اعتصاما احتجاجا على "الظروف المعيشية الصعبة".
وقالت النقابات التي تضم 14 نقابة يهيمن عليها التيار الإسلامي في بيان إنها "تدارست الأوضاع العامة المتوترة في ظل الظروف المعيشية الصعبة"، داعية إلى اعتصام الأحد أمام مجلس النواب.
وأضافت في بيانها أن "سياسات الحكومة في الشأن الاقتصادي وفي إدارة البلاد هي المسؤولة عما وصلت إليه الأمور من توتر واحتقان ولا أحد يعرف إلى أين سيقود البلاد". وتابعت "المطلوب الآن معالجة هذا الوضع وتلافي أي عواقب سلبية على بلدنا".
من جانبها، قالت الحركة الإسلامية في بيان إنها "قررت إنجاح الاعتصام الأحد احتراما وتقديرا لقرار الأمناء العامين لأحزاب المعارضة الوطنية الأردنية والنقابات المهنية وحرصا على التنسيق والتعاون وتوحيد الجبهة على برنامج وطني في مواجهة السياسات الاقتصادية والاجتماعية".
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل التضخم في الأردن وصل في ديسمبر 2010 إلى مستوى قياسي جديد بارتفاعه إلى 6,1
وغالبا ما تظهر استطلاعات الرأي أن ارتفاع الأسعار يعد المشكلة الأولى التي تواجه الأردنيين في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور 155 دولارا شهريا.
وتقدر نسبة البطالة في المملكة التي يبلغ عدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة وفقا للأرقام الرسمية، ب14,3%، بينما تقدرها مصادر مستقلة ب25%.
وتشهد تونس احتجاجات عنيفة ضد البطالة، وقد سقط نحو 50 قتيلا من المحتجين على يد الأمن، كما شهدت الجزائر بدورها احتجاجات على تدهور مستوى المعيشة
=========================================================
انتفاضة تونس والجزائر ضد الفقر والبطالة تنتقل قريبا الى مصر والأردن
حذرت وسائل الإعلام الإسرائيلية في تقاريرها اليوم الجمعة من تفشي وانتشار "انتفاضة الأسعار" التي تشهدها تونس والجزائر فى كل من مصر والأردن والمغرب ،وبعنوان " ذعر في العالم العربي من انتشار انتفاضة الأسعار" قالت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية أن البطالة المتفشية وارتفاع الأسعار دفعت الجماهير الغاضبة الى شوارع تونس مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا ، كذلك الأمر في الجزائر التي شهدت احتجاجات على استئثار قلة بالثروات ، مضيفة أن كلا من مصر والأردن تخشيان الآن من انتشار نيران الاحتجاجات ووصولها الى أراضيهما.
وقالت الصحيفة الاسرائيلية أن الأحداث التي شهدتها الأسابيع الأخيرة في كل من تونس والجزائر أصبحت معروفة اعلاميا باسم "انتفاضة الأسعار" والتي حصدت في كل من البلدين عشرات القتلى ، الخوف الآن ينتاب عدد من الدول تخشى من تكرار نفس السيناريو على أراضيها ، وعلى رأسهم مصر والأردن والمغرب .
وبعنوان فرعي " تحطم المعجزة الاقتصادية" قالت يديعوت احرونوت أن ما شهدته تونس بدأ نهاية الشهر الماضي بسبب الأزمة الاقتصادية الاجتماعية في البلاد لكن اتضح بعد ذلك أن تلك الاحتجاجات نجمت عن عمليات القمع التي تمارس ضد حريات المواطن العربي في تونس ، والتي كانت حتى حدث ما حدث معجزة الاقتصاد في الشمال الافريقي بسبب علاقاتها التجارية مع أوروبا ونجاح قطاع السياحة لديها .
لكن على الرغم من تلك المعجزة الاقتصادية إلا أن معدل البطالة في ازدياد ،وتكمن المشكلة في أن العاطلين عن العمل يأتون في الأساس من صفوف خريجي الجامعات والذين يبلغ عددهم 75 الف سنويا موضحة أن هؤلاء لا يجدون اي فرص للعمل مشيرة الى انه في خطوة لتهدئة الأجواء وامتصاص الغضب الشعبي قام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي باقالة وزير داخليته كما قدم وعد بزيادة عدد فرص العمل ،لكن الصحيفة قالت انه برغم ما فعله الرئيس التونسي الان العاطلين في بلاده ما زالوا يشتبكون مع رجال الشرطة للتعبير عن احباطهم لما يحدث بالبلاد ، وليلة أمس الخميس فقط سقط أربعة قتلى جدد.
وقالت الصحيفة ان مصر والاردن لا يختلفان عن تونس والجزائر فارتفاع الاسعار عالميا يدمرهما لكن حكومة عمان فهمت الرسالة مما يحدث في شمال افريقيا واعلنت الغاء الضرائب على البنزين الاربعاء الماضي وقررت دعم السلع الاساسية بها بمبلغ 34 مليون دولار ، لكن في القاهرة أعلنت السلطات المصرية انها واثقة من قدرتها على منع اي احداث مشابهة لما جرى بتونس او الجزائر
وأضافت يديعوت ان التخوف الاكبر في منطقة الشرق الاوسط هو ان يقرر الشعب المصري الخروج للشوارع للاحتجاج فمصر هي الدولة الاكثر اهمية بالعالم العربي واي احداث شغب في شوارع تلك الدولة هي بمثابة السيناريو الكابوس لاي حاكم عربي لدولة من الدول العربية المعتدلة ، وهو الامر الذي تعامت معه القاهرة بتصريحات ادلى بها وزير التجارة المصري قال فيها مؤخرا ان السيناريو التونسي لن يتكرر في بلاده مؤكدا ان القاهرة لن تقترب من الدعم ، واضافت الصحيفة الاسرائيلية ان الدعم هو احد العناصر الاساسية التي تقوم من خلالها السلطات بتهدئة المصريين.
في النهاية قالت الصحيفة إن معدل البطالة في مصر ارتفع هذا العام بنسبة 10.3 % وعلى الرغم من ثقة السلطات بالقاهرة من قدرتها على منع اعمال الشغب واندلاع الاحتجاجات على اراضيها الا اننا تعلمنا في منطقتنا منطقة الشرق الأوسط ان اي واقعة محلية صغيرة قد ينتج عنها حريقا كبيرا .
بدورها اهتمت صحيفة هأرتس الاسرائيلية بنفس الموضوع وفي تقرير لها بعنوان "الانفجار" أن اقالة بن علي لوزير داخليته لم تنجح في تهدئة الشوارع التونسية وبالأخص المدونين الالكترونيين مضيفة انه مثلما هو الحال في كل المظاهرات التي تشهدها البلاد من القاهرة وعمان وحتى طهران فإن المدونين هم المصادر لأخر الاحداث والصور ، هم الذين يعرفون مدى قمع السلطة للحرية الإلكترونية وقيامها باصدار تعليمات لاصحاب مقاهي الانترنت لتسجيل كل بيانات من يستخدم حواسيبهم الألية وكتابة تقارير لرجال الأمن هناك عن هؤلاء المستخدمين .
وقالت الصحيفة الاسرائيلية أن العام الماضي هبط معدل النمو الاقتصادي في تونس الى 0.7 في المائة ووصلت البطالة بسبب الازمة الاقتصادية إلى حوالي 16 % ، وارتفعت اسعار السله الاساسية ، أما فيما يتعليق بالرئيس التونسي فقد زاد من احكام قبضته على البلاد واحاط نفسه بالمقربين وافرد العائلة والذين سيطروا على جزء كبير من مجال الصناعة وكانت الدولة بحاجة الى مجرد شرارة صغيرة كي يشب الحريق في اراضيها .
وأضافت هأرتس أن الشرارة جاءت مع محاولة الانتحار التي قام بها بائع تونسي قامت الشرطة هناك بمصادرة بضائعه واخذت الاحداث في التطور عندما هاجم المتظاهرون مكاتب الحكومة وبدءوا في توجيه عبارات الانتقاد ضد الرئيس وزوجته وشقيقيه الممثلين لعائلة الفساد ، لافتة الى ان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية دعت الدول العربية الى اجراء اصلاحات اقتصادية توفر لمواطنيهم فرصا للعمل الا ان دول مثل مصر والاردن تجدان صعوبات في اقاناع المستثمرين الاجانب باقامة مصانع جديدة كما ان صادراتهما للدول الاوروبية ضئيل .
والنتيجة ـ تقول الصحيفة ـ ازدياد عدد العاطلين في الشوارع وتفاقم البطالة المقنعة على مكاتب الحكومة في كل من مصر والاردن ، في الوقت الذي تحاول فيه الانظمة الحاكمة هناك تهدئة الجماهير عن طريق الدعم وتقديم وعود بتوفير فرص العمل موضحة ان كل من القاهرة وعمان لهما تجاربها فيما يتعلق ب"مظاهرات الجياع" كما ان لديهم الخبرة في قمع المتظاهرين وتجاهلهم .
واختتمت هأرتس تقريرها بالاشارة الى ان الرئيس التونسي الذي مزق مواطنوه صوره المنتشره في الشوارع عرف حتى الآن كيف يقمع الاحتجاجات السياسية والاجتماعية ببلاده ، الا انه وازاء ما شهدته البلاد بدأ يتحدث عن اطلاق سراح كل المعتقلين وزيادة فرص العمل وانهاء الرقابة على الانترنت وتركه الرئاسة ، لكن بالرغم من تلك الوعود لم يعد الشعب التونسي يثق في رئيسه وتصريحاته ويبدو ان الجماهير هناك انهت حسابها مع النظام الحاكم.
وأشارت الصحيفة انه بعد تصريحات زين العابدين بن علي خرجت قوافل من مواطني العاصمة التونسية للشوارع بالرغم من حظر التجوال المفروض في المدينة ، مضيفة في نهاية تقريرها انه من غير الواضح اذا كان الحديث يدور عن رد فعل عفوي على ما قاله الرئيس ام انها مظاهرات وحشود خرجت بتنظيم واشراف رجال الحكومة التونسية
=======================================================
انتفاضة كرامة.. وليس خبزاً فقط
بدأت انتفاضة القاع التي انفجرت في الجناح المغاربي تؤتي ثمارها ليس في تونس والجزائر فقط، وانما في دول الجوار، وبعض الدول المشرقية ايضاً، مما يعني ان القبضة الحديدية للأنظمة العربية في طريقها للتآكل تحت مطرقة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة.
هذه ليست انتفاضة خبز، وان كان الجوع والبطالة عاملين رئيسيين في تفجيرها، وانما هي انتفاضة كرامة، وتمرد على الاذلال ومسلسل الاهانات الذي لحق، ومازال بالانسان العربي على مدى الثلاثين عاماً الماضية.
فاذا كانت بعض الشعوب غير العربية، او غير المسلمة، تهرب من انظمة الظلم والفساد والقمع الى الانفصال وتقرير المصير بعد ان عجزت عن التعايش، او نتيجة لتحريض غربي، والأكثر من ذلك تلجأ الى اسرائيل للتتحالف معها، مثلما نرى في جنوب السودان، وبدرجة اقل في كردستان العراق، فأين تهرب الشعوب العربية المقهورة؟
أهم مؤشر يمكن استخلاصه من الاحتجاجات الاخيرة هذه هو ان 'ثقافة الخوف' التي فرضتها الانظمة على الشعوب طوال العقود الماضية، تصدعت ان لم تكن قد انهارت، وان الانظمة بدأت تراجع حساباتها بشكل جدي للمرة الاولى، وتحسب حساب الرأي العام العربي الذي طالما تجاهلته واحتقرته.
فكان لافتاً اقدام الحكومة الجزائرية على تخفيض اسعار السلع الاساسية بمقدار النصف تقريباً في محاولة منها لاحتواء الموقف، وتخفيف حدة التوتر، بينما ذهبت نظيرتها التونسية الى ما هو ابعد من ذلك، عندما وعد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي برصد ستة مليارات دولار لخلق 300 الف وظيفة للخريجين العاطلين عن العمل في العامين المقبلين، واصدر قراراً باعفاء المشاريع الاستثمارية الجديدة من اي ضرائب لاستيعاب المزيد من العاطلين وتنشيط الاقتصاد الانتاجي.
ولم يكن مفاجئاً ان تسارع السلطات الليبية للاقدام على اجراءات استباقية وقائية للحيلولة دون نزول العاطلين فيها الى الشوارع، وتحصينهم من 'فيروس' الانتفاضة التونسي ـ الجزائري 'الحميد'، مثل اعفاء السلع التموينية كافة من الرسوم الجمركية مثل السكر والرز والزيت والمعكرونة والدقيق. فالبطالة في ليبيا التي يدخل خزينتها حوالي خمسين مليار دولار سنوياً من عوائد النفط، وتملك فائضاً مالياً يزيد عن مئتي مليار دولار لا تعرف سلطاتها كيف تستثمره، تصل معدلاتها الى اكثر من عشرين في المئة في اوساط الشباب حسب اكثر التقديرات محافظة.
الحكومة الاردنية التي ادارت ظهرها لكل تحذيرات المعارضة، واصرت على رفع الدعم عن السلع الاساسية، وفرض ضرائب جديدة، والتجاوب بالكامل مع تعليمات صندوق النقد الدولي في تعويم الاسعار، استشعرت الخطر مقدماً، ونزلت من عليائها، وتخلت عن عنادها، واتخذت اجراءات عاجلة لخفض اسعار السلع الاساسية لتهدئة الشارع، وامتصاص غضبته واجهاض مسيرة احتجاجية ضخمة دعت اليها النقابات بعد صلاة الجمعة المقبلة.
امران يجب ان يتوقف عندهما اي مراقب متابع للاحتجاجات، الاول هو صمت الدول الغربية، والاوروبية خاصة على الشاطئ الآخر من المتوسط، والثاني عدم اقدام دول اخرى تشهد احتقانا داخلياً مماثلاً مثل المغرب وسورية ومصر واليمن على اجراءات مماثلة لتخفيف معاناة المواطنين.
***
نفهم صمت الدول الغربية، فهذه الدول التي ثارت لجلد امرأة في السودان، وقلبت الدنيا ولم تقعدها لحكم برجم زانية في ايران، لا تريد التغيير في المنطقة العربية، ودول الاتحاد المغاربي على وجه الخصوص، بعد ان عقدت صفقة معها تتلخص في مكافحة هذه الانظمة لأهم خطرين يواجهان اوروبا، الأول التطرف الاسلامي ومنظماته، والثاني مكافحة الهجرة غير الشرعية. في المقابل تعمل الدول الاوروبية على حماية الانظمة القائمة، وغض النظر عن انتهاكات لحقوق الانسان وغياب الديمقراطية والحريات في بلدانها. ولكن ما لا نفهمه هو عدم اقدام دول عربية اخرى على ما أقدم عليه الاردن وليبيا قبل ان تواجه ما واجهته كل من تونس والجزائر، وربما ما هو اكثر، رغم تسليمنا بان حتى هذه الاجراءات الاستباقية قد تكون مؤقتة ومحدودة التأثير، علاوة على كونها لا تشكل ضمانة بمنع الانفجار.
السؤال الابرز الذي يطرح نفسه حاليا بقوة، وبعد متابعة التنازلات المتسارعة التي تقدمها انظمة عربية سواء لامتصاص الاحتجاجات، او لمنع وصول احتجاج مثيلاتها الى مرابعها، هو اسباب تجاهلها او بالاحرى عدم مبالاتها لمعاناة مواطنيها طوال كل هذه السنوات، وهي التي تملك الثروات والفوائض المالية، مثلما تملك اجهزة استخبارات ترصد كل صغيرة وكبيرة في الشارع، وتملأ السجون بالمعارضين او حتى الذين يفكرون بالمعارضة. فاذا كانت السلطات التونسية قادرة على خلق كل هذه الوظائف التي وعدت بها (300 الف وظيفة خلال عامين) واعترفت بشرعية الاحتجاجات ومنطقيتها، واكد وزير اعلامها ان الرسالة قد وصلت، فلماذا لم تفعل ذلك من قبل، وانتظرت حتى يحرق الشاب محمد البوزيدي نفسه امام مقر الوالي، وهو بالمناسبة يستحق تمثالا يخلد ذكراه وتضحيته، لكي تتحرك لمعالجة الازمة؟
ثم لماذا سمحت السلطات الجزائرية بالارتفاع الجنوني لاسعار السلع الاساسية لمفاقمة معاناة الفقراء، وهي التي تجلس على احتياطي مقداره 150 مليار دولار ويدخل ميزانيتها 55 مليار دولار سنويا عوائد نفط وغاز؟
السلطات العربية بعيدة كليا عن قراءة المتغيرات العالمية والعربية قراءة صحيحة، فقد نسيت ان سنوات الحجب والمصادرة والتكميم للاعلام ووسائله قد انقرضت، وانتهت مدة صلاحيتها بفعل التطور الكبير في وسائل الاتصال وتكنولوجياته، فاذا كنا قد احتجنا الى اسبوعين لمعرفة انباء احداث حماة السورية، فاننا لم نحتج الا لدقائق لمتابعة احداث سيدي بوزيد التونسية بالصوت والصورة عبر الاعلام البديل واليوتيوب على وجه الخصوص.
التشخيص الرسمي لامراض المجتمعات العربية كان خاطئا، ويبدو انه سيظل كذلك، لان رؤوس الانظمة لا تريد اخبارا سيئة تعكر عليها صفو انشغالها بامراضها الطبية المستعصية، او استمتاعها وبطانتها بثروات الشعب وعرقه، ولهذا من الطبيعي ان يأتي العلاج كارثيا ايضا، لانه علاج وان تم، فينصب على الاعراض الجانبية وليس على العلة الاساسية.
فالسلطات في الجزائر وتونس لجأت لسياسات القليل من الجزر والكثير من العصي في علاجها لازمة الاحتجاجات، ولهذا جاءت النتائج عكسية، وحتى ان هدأت الاوضاع جزئيا في الجزائر مثلا، فانه قد يكون هدوءا مؤقتا قد لا يعمر طويلا اذا لم يتم التعاطي مع المرض الاساسي.
اجراءات تخفيض اسعار السلع الاساسية هي اجراءات عشوائية وعبارة عن حقن مسكنة او تخديرية، وهي تنازلات تعكس ارتباكا ورد فعل وليس جزءاً من استراتيجية مدروسة بعناية. اما التغول في استخدام الاجهزة الامنية للتصدي للمحتجين الجائعين، فقد اطالت من امد الاحتجاجات بدلا من ان تسرع في اخمادها، فأعداد القتلى الضخم خلقت حالة من الثأر بين النظام والمواطنين، وزادت من الفجوة بينهما. فالمزيد من الضحايا يعني المزيد من الجنازات، والمزيد من الغضب والمسيرات الاحتجاجية، وتأجيجاً اكبر لمشاعر الحنق والغضب.
اغلاق المدارس والجامعات، والغاء مباريات كرة القدم لحظر التجمعات، اجراء وقائي ظاهره براق، ومنطقي، ولكن غاب عن ذهن متخذيه ان هؤلاء اذا لم يذهبوا الى الجامعات والمدارس وملاعب كرة القدم سينزلون الى الشوارع للمشاركة في الاحتجاجات لانه ليس هناك ما يفعلونه. وقد يؤجلون مشاركتهم في الاحتجاجات الى ما بعد عودتهم الى مقاعد دراستهم لاحقا.
* * *
ما نريد ان نقوله ان مظاهرات الجوع هذه ما هي الا قمة جبل الجليد، وارتفاع الاسعار الذي ادى الى تفجيرها ما هو الا المفجر او عود الثقاب فقط، فالاحتقان كبير يتضخم منذ عقود، بسبب غياب الحريات وفساد البطانة ومعظم الحكام ايضا، والنهب المستمر للمال العام وتغول اعمال القتل والتعذيب والمحسوبية وانتهاك حقوق الانسان وغياب القضاء العادل وكل اشكال المحاسبة والرقابة.
مليارديرات العالم، الذين جمعوا ثرواتهم من كد عرقهم، وبوسائل مشروعة، وفي مشاريع انتاجية، وبعد دفع مستحقاتهم من الضرائب كاملة لخزانة الدولة، يتخلون عن عشرات المليارات للاعمال الخيرية تطوعا منهم، وفي دول العالم الثالث لمكافحة البطالة والجوع والجهل، بينما مليارديراتنا الذين سرق معظمهم امواله عبر الفساد او كونه واجهة للحكام، او لسبب صلة قرابة او نسب معهم يواصلون النهب والسلب طلبا للمزيد، فماذا سيفعلون بكل هذه الاموال؟
في الماضي كانت الانظمة تدعي انها تضحي بمصالح شعوبها خدمة لقضايا الامة والعقيدة لمواجهة الاستعمار، الآن ما هي حجة هذه الانظمة بعد ان تخلت عن كل هذه القضايا، بل بدأت تبيع قضية فلسطين وكرامة الامة مقابل استقرارها ورضا اسرائيل وامريكا واوروبا عليها والصمت على دكتاتوريتها وقمعها.
الشعوب العربية بدأت تستعيد الثقة بنفسها تدريجيا، وتدخل في مرحلة الصحوة في ظل غيبوبة الانظمة في المقابل، وبدأت هذه الشعوب تطالب بالحد الادنى من حقوقها المشروعة في الحرية والعيش الكريم.
من الصعب التنبؤ بما يمكن ان تتمخض عنه هذه الاحتجاجات، او ما اذا كانت تتوقف او تستمر، فالشعوب تفاجئنا دائما، والانظمة كذلك، ولكن ما يمكن الجزم به هو ان هذه الاحتجاجات الجزائرية والتونسية ألقت حجرا كبيرا في بركة عربية آسنة متعفنة. فالمحتجون لا يبحثون عن رغيف خبز فقط، وانما رغيف خبز معجون بالكرامة، مثلما يتطلعون الى استعادة امة لدورها ومكانتها بين الامم والنهوض من حالة السبات التي تعيشها.
من العيب ان تتصالح الامة مع اعدائها من اجل اضطهاد شعوبها، وبما يؤدي الى تفكيك اوطان، وضياع حقوق ومزيد من الاذلال.
لعلها بداية دوران عجلة التغيير نحو الافضل، وما نأمله ان يكون الدوران سريعا لان حجم الضرر الحالي كبير بل كبير جدا
===============================
عاشت الجزائر وتونس على صفيح ساخن خلال الأسابيع الاخيرة، حيث سقط عدد كبير من القتلى خلال مواجهات مع الشرطة على خلفية ارتفاع اسعار المواد الاساسية. وفي ظل هذه التطورات السريعة تطرح تسؤلات حول الوضع في المغرب، وهل هو في منأى عن الاضطرابات الاجتماعية؟
شهدت مدن الجزائر وتونس خلال الأسبوعين الأخيرين اضطرابات نتيجة الاحتجاجات الاجتماعية التي خلفت مقتل14 مدنيا تونسيا، حسب السلطات التونسية و22 شخصا حسب الحقوقيين التونسيين. اما في الجزائر لقي 4 مواطنين مصرعهم وأصيب أكثر من ألفين شخص بجروح متفاوتة الخطورة.
وفيما أوضح الصحافي الجزائري محمود شعال، لـ"إيلاف" أن الجزائر شهدت احتجاجات كثيرة، اكد أن الأوضاع حاليا عادية. وقال إن الجزائر "طوقت لمدة أسبوع"، بعد أول مظاهرة ضد غلاء الأسعار.
وقال الصحافي الجزائري إن أسباب هذا الغليان الاجتماعي، بالإضافة، إلى ارتفاع المواد الغذائية الأساسية، هو الصراع بين أطراف كثيرة في السلطة بالجزائر، اذ يسعى كل جناح في النظام إلى السيطرة، تمهيدا لفترة ما بعد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.
خوف من إنتقال العدوى
هذا الاحتقان الاجتماعي غير المسبوق في تونس والجزائر، جعل سكان الدول المغاربية الأخرى، خاصة المغرب يتخوفون من انتقال العدوى. وقد دفعت الأحداث، إيمان، 27 سنة مسؤولة في شركة للإعلاميات، إلى مواكبة الأحداث وتقول "منذ بداية الاحداث أتابع الاخبار، خاصة في مواقع الصحف الفرنسية".
وتقول إيمان إن الدافع وراء هذا الفضول هو "الاطلاع على ما يحدث عند جيراننا" و"الخوف من تكراره في المغرب"، خاصة أن المملكة المغربية شهدت في السنوات الأخيرة إحتجاجات اجتماعية غير أنها لم تكن دامية كما هو الحال في الدولتين المغاربيتين.
هذا الخوف تتباين حوله آراء السياسيين والباحثين والناشطين الحقوقيين والإعلاميين، بالنسبة للباحث الانتروبولوجي عبد الباقي بلفقيه، فالأمر محسوم، "ما حدث في تونس والجزائر لا يمكن أن يحدث في المغرب، ومضى مفسرا ذلك في تصريح لـ"إيلاف" "مبدئيا لا يمكن حدوث ذلك في المغرب لأن التركيبة الاجتماعية للمغرب والبنية التحتية فيه مختلفة كثيرا عنها في الجزائر وتونس" وأوضح أن الجزائر "تتوفر على خيرات كثيرة (النفط)، لكن تلك الخيرات لا تؤسس لاقتصاد يستفيد منه عموم المواطنين" غياب ما سماه "السلوك الاقتصادي المعمم" يقابله في المغرب "حضور مجهودات لخلق الثروة والغنى".
وفي تونس، يرى الباحث، أن "طبيعة الحكم العسكري، تستثني إشراك المواطنين في التدبير الاقتصادي"، لأن "الهم الوحيد للحكام هو السلطة"، في المقابل هذا الأمر غير مطروح في المغرب "لأن الملكية متجدرة في المغرب، ورغم دخولها للاقتصاد إلا أنها "تترك نوعا من تكافؤ الفرص" بين عموم المواطنين.
وأضاف بلفقيه أن "تونس تتوفر على أمور كثيرة لكنها تفتقد لبنية اقتصادية تسمح لكل المواطنين بامتلاك الثروة. كما حذر الباحث أن المغرب، رغم ذلك، لم يوفق "في خلق طبقة متوسطة يمكن ان تجنبه هزات مماثلة"، خاصة أنه يعرف هشاشة اقتصادية.
لكن هناك من يرى أن انعكاسات ما حدث في تونس والجزائر على المغرب "وشيكة"، ويذكر بهذا الصدد الناشط الأمازيغي المغربي منير كجي بما وقع أخيرا في تنغير بالمغرب وبما سبق أن وقع في مدن العيون وسيدي إيفني والحسيمة وصفرو.
وقال إن "الاحتقان الاجتماعي" في المغرب مشابه بما يحدث في الدول المغاربية الأخرى، حيث يعاني المواطن من "الإقصاء الاجتماعي". وأوضح أنه بعد نصف قرن على استقلال المغرب ما زال هناك "مغرب نافع" و"مغرب غير نافع" (اسم كانت أطلقته سلطات الحماية الفرنسية للمغرب (من 1912 إلى 1955) وقال "المغرب مادة قابلة للانفجار، وقد يحدث هذا الانفجار في أي لحظة"، وأضاف أن "الضغط كبير نتيجة استغلال فئة صغيرة جدا لكل خيرات المملكة"، وطالب بتقليص خارطة الفقر بالمغرب لتجنب الأسوأ.
اما بالنسبة لصلاح الوديع، الناطق الرسمي باسم حزب "الأصالة والمعاصرة" المغربي المعارض للحكومة فإنه ينتقد طريقة التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها تونس والجزائر، وقال في تصريح لـ"إيلاف" "نعتبر، في الحزب، أن المشاكل الاجتماعية يجب أن تعالج بالحوار بالإنصات إلى الفئات المحرومة"، كما اوضح أنه كان يجب تجنب تلك الأحداث الدامية لو استبقت حكومة الدولتين بـ"حوار استباقي، وبالإنصات إلى مطالب السكان".
ودعا إلى ضرورة إجراء حوار وطني تشارك فيه جميع الأطراف. وحول إمكانية انتقال تلك الاحتجاجات التي شهدت سقوط عدد من القتلى في الجزائر وتونس، إلى المغرب، قال الناطق الرسمي باسم "الأصالة والمعاصرة" "كمعارضة نقر بوجود هشاشة اجتماعية، وإذ لا يمكن التكهن بالغيب، فإن المسؤولية الملقاة اليوم على الحكومة وعلى جميع الفاعلين هي في فتح حوار وطني في الموضوع من أجل درء الاحتمالات السيئة. هذه الاحتمالات جعلت المغاربة يهتمون كثيرا بأخبار الجارة الجزائر وتونس، وقال الصحافي هشام سميج إنه يتابع عن كثب ما يقع في تونس والجزائر من خلال مواقع فايسبوك ويوتيوب والصحافة، وتأسف لغياب المعلومة، خاصة في تونس حيث تمارس السلطات المحلية رقابة صارمة على الانترنت.
كما انتقد الصحافة الفرنسية التي تعاملت ب "نوع من المجاملة" مع النظامين الجزائري والتونسي ولم تخصص أغلفة أو تحقيقات كثيرة للأحداث.
ويعتقد هشام أن ما حدث في تونس لا يمكنه أن يقع في المغرب لعدة أسباب، أولها أن ما حدث في الجزائر كان ردة فعل على ارتفاع صاروخي في المواد الأساسية بداية الشهر الجاري، خاصة مادتي الزيت والسكر اللتين شهدتا ارتفاعا ب15 في المائة، وشبه ما حدث في الجزائر بما سبق أن عاشته الدار البيضاء بداية الثمانينات من القرن الماضي في ما بات يعرف ب"شهداء الكوميرا" (شهداء الخبز)، وأوضح أنه منذ ذلك التاريخ انتبهت الدولة المغربية إلى خطورة المواد الغذائية الأساسية، فتجنبت رفع الأسعار، ويشرف صندوق تابع للدولة في المغرب يطلق عليه "صندوق المقاصة" دعم المواد الغذائية الأساسية، ويدعم الزيت والسكر والدقيق. ويضرب هشام مثالا على دور الصندوق الكبير ما شهدته السنة الماضية من ارتفاع صاروخي لأثمنة القمح، وهو ما حدا بالحكومة المغربية إلى إلغاء جميع الحقوق الجمركية على استيراده، وهذا ما جعل الأثمنة تبقى في مستوياتها السابقة.
بالنسبة لاحتجاجات تونس، قال هشام إنها مرتبطة بـ"الفقر" و"البطالة"، وربط هذه الوضعية بتضييق الحكومة التونسية الخناق على كل المداخيل المدرة للثروة أو الدخل، فيما يسمح المغرب باقتصاد غير مهيكل، كما هو الحال بالنسبة لـ"درب غلف" (أكبر سوق لبيع المواد المهربة من الخارج في المغرب).
وقال إن الحكومة المغربية لم تسع للقضاء على الاقتصاد غير المهيكل رغم صرامة مديرية الضرائب المغربية منذ سنتين في فرض مراقبة ضريبية صارمة على المقاولات، وقال إن الحكومة تعي جيدا دور هذا القطاع بالنسبة لفئات عريضة.
سد الذرائع
وإتهم الناشط الأمازيغي منير كجي الرباط بمساندة الانتهاكات في تونس وقال "منع المغرب لتظاهرة أمام سفارة تونس بالرباط يعني أن الرباط تساند النظام السياسي للدولة". وكانت التنسيقية المغربية لمساندة الديمقراطيين التونسيين" قد توصلت برسالة مكتوبة من قبل السلطات في العاصمة المغربية تخبر التنسيقية برفض التصريح للقيام بالوقفة أمام السفارة التونسية بالرباط.
وكانت شخصيات مغربية قد شكلت سنة 2005 لجنة لمساندة الديمقراطيين التونسيين أطلقت على نفسها اسم "التنسيقية المغربية لمساندة الديمقراطيين التونسيين"، وتضم جمعيات وهيئات نقابية وحقوقية ونسائية وسياسية، وقد طالبت هذه التنسيقية بوقفة تضامنية أمام سفارة تونس بالرباط الاثنين العاشر من يناير- كانون الثاني 2011، وذلك "احتجاجا على قمع المتظاهرين وتضامنا مع القوى الديمقراطية بتونس الشقيقة" بعد الأحداث الاجتماعية الخطرة.
ونددت التنسيقية بما سمته "انتهاكات حقوق الإنسان، التي تعرضت لها الجماهير الشعبية أثناء مظاهراتها السلمية والمشروعة وطالبت بمحاكمة المسؤولين عن القمع المفضي إلى القتل الذي تم تسليطه على المحتجين".
حتى لا تتكرر التجربة
وحول تعامل الصحافة المغربية مع أحداث تونس والجزائر، قال محمود شعال إن "المشكلة في نظري مرتبطة بمصادر الخبر، فالصحافة المغربية تعتمد على وكالات دولية للأخبار، ولا تتوفر على مراسلين في المكان، كما أنها لا تستطيع أن تبعث موفدين عنها إلى الجزائر أو تونس".
كما تحدث عن "الحساسية السياسية" من تناول موضوع مثل هذا في المغرب، خاصة بالنسبة لما حدث في تونس التي شهدت أحداثا أكثر خطورة لما شهدته الجزائر، وقال "وكالة الأنباء المغربية و"الصحف المهادنة" تتوفر على تعليمات بعدم إغضاب نظام بن علي، وأوضح أن هذا يسمح فقط بتقديم "تحاليل حول الوضعية".
وبالنسبة إلى مسؤول كبير في إحدى الإذاعات الخاصة المغربية، فضل عدم الكشف عن هويته واسم إذاعته، فإن "التعامل مع أحداث تونس والجزائر سيكون مختلفا، إذ سيتم الاشارة في حالة تونس، إلى أخبار رسمية للحكومة التونسية وتجنب معطيات صادرة عن المعارضة، فيما سيتم التعامل بطريقة مختلفة مع احتجاجات الجزائر، إذ سيتم اللجوء إلى ما نشرته وكالات الأنباء العالمية وستتم استضافة المعارضة الجزائرية". هذا التعامل التفضيلي يدخله الصحافي في ما يسميه بالـ"التعامل بالمثل" إذ تتعامل وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية بكثير من التحيز مع الأخبار.
واهتمت الصحافة المغربية بالموضوع، وكتبت جريدة "أخبار اليوم" في صفحتها الأولى خبرا صغيرا عن "17 قتيلا في تونس والجزائر بسبب اضطرابات اجتماعية"، كما اختارت أن تعنون افتتاحيتها ليوم الاثنين 5 كانون الثاني- يناير 2011 عن أحداث الجزائر وتونس "النار تشتعل في بيت الجيران"، وقالت الافتتاحية إن هذه الأحداث سياسية "أليس هذا ضحكا على الذقون؟ أليست التظاهرات الاجتماعية ذات طابع سياسي بالأساس؟ وما فائدة السياسة إذا لم تكن في خدمة مطالب الناس؟" ثم أضافت "ان غياب الديمقراطية يفضي إلى غياب انتخابات حقيقة وبرلمانات حقيقية وسلطة رقابة على صانع القرار، مما يؤدي إلى اختلال في التوازن السياسي الذي يعبر عن نفسه في اختلالات أخرى في التوازنات الاجتماعية".
هذه الرسالة نقلتها افتتاحية "الصباح" لليوم نفسه، وعنونها "انتباه"، ونبهت إلى إمكانية انتقال هذه الموجة إلى المغرب، وقال رئيس تحريرها خالد الحري "إن ما يقع في بلدان المغرب العربي من احتجاجات وانتفاضات شعبية ضد الجوع والبطالة في الجزائر وضد ضيق مساحات الحريات في تونس، يؤكد بالملموس أن فتيل الحريق حين يشتغل قد يصل إلى أبعد مداه".
وتذهب يومية "الأحداث المغربية" إلى أبعد من ذلك، عندما تقول في القسم اليومي بالصفحة الأولى "من صميم الأحداث" أن المغاربة عليهم قراءة ما يقع في الجزائر وتونس، وذلك لكون "الوضعية متشابهة على كثير من المستويات بين الدول المغاربية تفرض هذه المقارنة"، وأوضحت اليومية أن "الدرس الأساس هو درس وجود الأحزاب السياسية والنقابات في الشارع المغاربي.."، وتدعو إلى ضرورة أن تتمتع هذه الهيئات بتمثيلية فعلية، وهو ما تفتقده حاليا. أما الدرس الثاني فهو "درس ديموقراطيتنا التي ينبغي أن تظل الحكم بين كل الأطراف داخل هذه الدول. لا يجب أن يصل الاحتقان في يوم من الأيام مداه الأخير الذي يجعل الأمن يطلق الرصاص المواطنين يضربون بالحجارة" والدرس الثالث هو "درس الاعتبار من كل هذا لبناء ديموقراطيات حقيقية في المنطقة تستحقها الأجيال الجديدة التي تجد صعوبة في التخلص من العقلية العتيقة التي حكمت هذه البلدان وورطتها في اختيارات سياسية واقتصادية مكلفة للغاية" وختمت الافتتاحية بالقول "لا يجب أن يمر درسا الجزائر وتونس دون ان نستفيد منهما الاستفادة التي تعفينا من تكرار الأخطاء التي قد يكون وقع فيها الجاران".
كما اهتمت اليومية بالموضوع كثيرا وخصصت له صفحة كاملة بعنوان "تونس والجزائر فوق صفيح الاحتجاجات الساخن"، كما حذر المختار لغزيوي كاتب العمود اليومي بالصفحة الأخيرة "في الواجهة" من الشماتة في ما يقع في الجزائر، وقال "البعض يقول إن علينا أن نستغل الأحداث التي تجري حاليا في الجزائر كي نعيد للجارة الصاع صاعين".
بدورها، اكتفت جريدة "المساء" اليومية المغربية بخبر عن "ثلاثة قتلى في الجزائر وأربعة في تونس حصيلة الاحتجاجات على ارتفاع الأسعار والبطالة"، وذكرت في مقال بصفحتيها الأولى والثانية بـ"استدعاء الخارجية الأميركية للسفير التونسي في واشنطن وتسليمه رسالة تعبر عن قلق الحكومة الأميركية من تعامل الحكومة التونسية مع الاحتجاجات.
ويعول المغرب على هامش الحرية الكبير مقارنة بدول الجوار لمعالجة احتجاجات مماثلة، لكن المنظمات الحقوقية المغربية تذكر وتعيد بالتراجع الكبير لذلك الهامش في السنتين الأخيرتين، وتقول إن فاتورة تراجع الهامش قد تكون مكلفة، غير أن الحكومة تعقب بالقول إن لا تراجع عن خيار الديمقراطية وحقوق الإنسان التي اختارها المغرب ولم يملها عليه أحد.